الخميس، 26 يناير 2012

بطيخة الساحر وشرط السكين ~

ل ـم يكن سوى طالباً في إحدى الجامعات الخاصة غير المعترف بها في وزارة التعليم العالي لدولة الكويت، ولكن طموحه في نيل درجة الدكتوراه في الحقوق جعله يدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقه وينهي مسيرته التعليمية ويسهّل أمره (اسهالاً عظيماً) وبعد الحصول على الشهادة يحلها حلّال ونشوف واسطة تقبل شهادتنا!
والظاهر إن الدعوة كانت في بداية الفجر لحظة كانت جميع الأدعية مستجابة، ليجد نفسه في الغد وزيراً للتربية والتعليم العالي!
انهبل وصار مجنوناً يركض بين الأزقة يضرب الأبواب بشدة صائحاً بهستريا (لقد صرت وزيراً .. لقد صرت وزيراً) .. ولعله كان ينقصه أن يذهب إلى ما ذهب إليه (أرخميدس) عندما اكتشف قانون الطفو فيركض عرياناً بين الناس ليقول كلمته المشهورة وجدتهاااا !
لبس بشته الوزاري الذي كان في الماضي عباءةً على أجساد سالفاته، ثم حاول الرئيس قدر الإمكان أن يضمه إلى جناحه ونجح بالفعل أن يكسب ولاءه ويطبّق سياساته من باب (فيدني وأفيدك) .. !
تطوّر الأمر ليجد نفسه ملكاً فعلياً لهرم تربوي قيل عنه أنه مقلوبٌ بشكل مرعب، فحاول أن يجد حلّا سحرياً ليعيد الأمور إلى نصابها.
سألوا هتلر عن سر انتصاراته المتتالية فقال (اكذب ثم اكذب حتى يصدق الناس كذبتك!!)، فكان هذا ديدنه الذي بدأه مع المعلمين أنفسهم أيام الكادر، ثم مع الأعضاء في مجلس الأمة، ثم تطوّر الأمر فكذب على الصحافة وأولياء الأمور ثم انتهى بالكذب على الطلبة وطعنهم من الخلف!
لن أسترسل في خلفيات كل كذبة ولكن سأكتفي بالنهاية العظيمة التي آلت إليها الأمور، والتي أدمعت عيون الطلبة وأشعلت قلوب الآباء والأمهات كمداً وحقداً على شخصه الكريم!
العام الماضي شهد النسبة الأعلى من الطلبة (المتفوقين) وليس الناجحين في تاريخ دولة الكويت، أعداداً كبيرة لهم كل الحق -حسب سياسة الدولة- أن يجدوا مقاعد لهم في الجامعة -الوحيدة- حتى يواكبوا مستقبلهم الطبيعي ويمارسوا حقّهم -كغيرهم- وتسير عجلة التنمية!
ولكن ما حصل أن الأعداد لم تجد لها مكاناً يسعها، فأصبح بعضهم خارج أسوار الجامعة، ليستذكروا معنا الجملة الشهيرة التي كانت خلف أغطية البيبسي (شكراً حاول مرة أخرى) !
وشوشة في أُذن الساحر من الرئيس قالت له: أصلح الأمر بسرعة ولك كل الصلاحيات .. 
اجتمع مع قيادييه (المهلهلين تربوياً) الذين وجدوا أنفسهم فجأة على رأس الهرم ليديروا منظومة تربوية وهم كما نقول بالبدوي :- ما أسرّحهم بغنم!!
اتفقوا على التالي:-
1- بما إن المعلمين ما عرفوا يضبطون العملية سنعاقبهم بـ إراحتهم، ونمنع عنهم ممارسة العُرف القديم في وضع درجة الأعمال، ونجعل كل الدرجة على الإختبارات.
2- تعديل نظام الدرجات بحيث يصبح الطالب الراسب في النصف الدراسي الأول راسباً في نهاية العام الدراسي أو على أقل تقدير ينجح بمستوى مقبول.
3- توصيات شديدة اللهجة على جميع الإدارات المدرسية بمنع ظاهرة الغش الدارج منذ سنين باستخدام الهواتف النقالة، ومعاقبة المهملين من المدراء بالأمر الذي نراه نحن (السحرة) مناسب!!
4- نضع -كوزارة تربية- اختبارات الطلبة لاختبار نهاية الفصل الدراسي الأول ونهاية الفصل الدراسي الثاني (واحنا نتصرف مع الطلبة)!
وقال كما يقولها شعراء القلطة .. (خلوووها) !!
ومثلما أرادوا في النهاية حصل، ونجح الساحر في تطبيق الخطة بحذافيرها، وقلّص بشكل كبير الكمية المتوقع تخرجها مع نهاية العام الدراسي، مما سيؤدي إلى موازنة مناسبة للدولة ... ويا دار ما دخلك شر !

انا مع فكرة الموازنة ولكن ليس بهذه الطريقة، ليسوا عبيداً لديك تستعبد أحلامهم وطموحاتهم بهذه الطريقة القاسية، ليسوا سوى بضعة أجساد تبحث عن درجة مناسبة ليحققوا مستقبلهم كما حققته أنت وأنا وغيرنا ممن تجاوز فترته الدراسية بالطريقة (الطبيعية)..
ساحرنا كبائع البطيخ، وهذا ما قلته لأحد زملاء المهنة، يريد أن يبيع التربية بيعاً لا أن يهبه لأحد، وعلى الشاري أن يختار من بين البطيخ المعروض، فإن عجبته إحداها أخذها وهو لا يعلم حقيقة أمرها، أو أن يطلب من البائع أن يختار هو.. 
فيضرب على سطحها بقوة، ويبتسم ابتسامةً صفراء ويقول خذ هذه فهي الأنسب .. وإن لم يعجبنا رأيه .. كان الحل الأخير (شرط السكين) !!
أين الحل فيما حصل .. !؟
أراه بسيطاً ويحتاج فقط إلى شجاعة من شخصين، أولهما الساحر نفسه، عليه أن يقص الحق من نفسه، ويستقيل غير مأسوف عليه !
وثانيها سعادة الرئيس الجديد أن يختار لنا (تحفة) أخرى تعرف تماماً من أين تؤكل الكتف التربوية وكيف يصل بقارب التربية إلى بر الأمان!
تعيين رأس جديد (فاهم تربية صح) يصلح من جديد من أفسده الدهر، وبالمناسبة فإننا نحتاج بالفعل إلى معجزة حتى (نعود) إلى مسارنا الصحيح الذي تهنا عنه منذ سنين مضت !!


* ومضة *

الطلبة يغنون للوزير: أمنتك عليّ عشان لئتني مصدأك .. 
الوزير يرد: وعدتك في وقت الجد جنبك ح تلاقيني
الطلبة يردون: أسهر على راحتك وراضية أتعب معك ..
الوزيرة يرد: وإن ما تشلكش الأرض أنا شيلك في عيني
ويكمل الوزير:- أطمنك .. يا حبيبي من أولها .. سكتنا لو عاندتنا بكملها 
دنيتنا لو تعبتنا من عمايلها .. بالصبر أنا وانته نستحملها .. 
يرد الطلبة: على قدنا ح نعيش مع بعضينا وحبنا من الدنيا بيكفينا .. ده انته وانا ولا عمرنا تمنينا ..
غير بيت صغير وباب مقفول علينا !!


بطيخة الساحر وشرط السكين .... بقلم: قاصدخير



ليست هناك تعليقات: