الجمعة، 6 يناير 2012

صمــت القبــــــور

ن ـحن شعبٌ نقتات الذل (النفيس) عِوضاً عن زاد الكرامة (البخس)، لن أكرر ما يقوله الكثيرون ممن ينادون بالعروبة بأننا شعبٌ ثوريٌّ أشم، نجبر الليل أن ينجلي ونقسى على القيد حتى ينكسر !
جميعنا دون استثناء بضعة دروايش على باب الله جمعهم صمتهم وبعض هَبَلِهم ليكونوا ضعفاء وسط غابة من السياسيين الذين اكتشفوا سر اللعبة ولم يرضوا بالقليل، فكانت (سقف مطالبهم) حُكماً أبدياً في مقابل (أرضية مطالبنا) العيش الكريم !
كلما ثارت أجسادنا وتعالت صرخاتنا كان الدينار كالشريط اللاصق على الأفواه متناسين أن انسداد الفم يؤدي إلى الاختناق دوماً، وَوَضْعُنا كأجساد تفهم نظرية الحركة الروتينية ترى دائماً بأن أي تغير في النظام هو كُفرٌ بآلية صمّاء تحت مسمى (القدر الربّاني)، غير أن الله سبحانه وتعالى دعا في محكم تنزيله إلى العمل، ليراه هو ورسوله والمؤمنون لا أن نحلم به ونتحدث عنه ونفخر به !!

كلما زاد الجوع الفطري زادت قابليتنا إلى التهام الفضلات، ولكن أن تجوع أرواحنا لحرياتنا فترانا مستعدين لالتهام الأجساد الحية!!

السؤدد والعزة والكرامة أصبحت عناويناً جميلة لبعض طلبة المدارس في حصة التعبير فقط، وكم يُضحكني أن المعلم يريد من الطالب الاستشهاد بقصص من الواقع تحكي بطولات المسلمين فلا نجد إلا تاريخاً ناصعاً انتهى منذ مئات السنين..
الرغبة في التغيير تحتاج إلى قلوب صادقة، وأرواحٍ تقترب من الإيمان المطلق بالله عز وجل، وواقعنا العربي الإسلامي مؤلمٌ للغاية، ولست هنا بصدد الحديث عن ثوراتٍ خلقتها أفكار الشباب أو أجندات دخيلة على مجتمعاتنا، فهذا المنطق قد ضرب مطرقته على طاولة الأحكام وأصدر حكمه، حتى لو تأخر تنفيذه ما الضير؟!
فنحن العرب قد اعتدنا على تنفيذ الأحكام متأخراً !!

ولكني هنا أحتاج إلى أن أقف قليلاً حول آلية (التفكير الرئاسي العربي) !
تُصوّر لنا الدراما العربية السياسية الأنظمة الموجودة بقمعها وردود أفعال ساستها وجحودها وقوتها كما هي في العصور الوسطى حيث اغتيالٌ صارخٌ للحريات والاكتفاء بقانون الديكتاتورية، ولعلهم اقتربوا كثيراً من الحقيقة التي نعيشها..
فالرئيس العربي يشعر وكأنه كالملك في مملكته، كالأمير في دولته كالسلطان في سلطنته، متناسٍ صناديق الإقتراع وإرادة الشعب ووجوده الفعّال في الشارع، والملاحظ أن الرئيس يفرح بنجاحه قبل أن تزول بصمة الانتخاب من إبهام الشعب !!

لا زلنا في نفس العجلة القديمة ندور ونطحن أفكارنا وهمومنا اليومية، فهناك من يفكر في عمله أو عائلته أو حتى (عشقه)، ليس هناك وقت للجلوس طويلاً في تلك الميادين المغبرة التي امتلأت بأدخنة السيارات، رافعين بعض اللافتات الطويلة، وهناك في الأفق البعيد يجلس أخينا بالله يُدخّن غليونه الفاخر ويستمع إلى من هم حوله بأن الأوغاد سيملّون الجلوس، وأنك باقٍ ما بقى الدهر، ولكننا نحتاج إلى بعض القرارات المصيرية -سيادتكم!!-
فيلتفت إلى الأزهار المزروعة تحت قدميه فيقطف واحدة، ويشمها بعمق ورومانسية العاشق، ويتذوق (الإشطة) الممزوجة بالعسل الصاقي، فيرد على ذلك الكلام الغريب على مسمعه .. ((ولم لا !! ولكن دعوني وشأني .. !))


صمت القبور .... بقلم: قاصدخير

ليست هناك تعليقات: