الأحد، 1 يناير 2012

هبّــــات ماكتشيكنيـــة !!

أ كاد أقسم أنه لو قام أحدٌ ما في خليجنا العربي بقراءة عنوان المقال لاعتقد في قرارة نفسه أنه أمام كاتبٍ ألماني ذو أصول هندية قرر التحدث بالعربية!!
وأقول خليجنا العربي لقربهم الجغرافي وتشابه لهجاتنا حتى وإن اختلفت فإننا في أسوأ الإحتمالات نستطيع استنتاج المعنى أو الاقتراب منه!
لذا اسمحوا لي تفسير معنى العنوان حتى لا يُقام علي الحد الأدبي وأُنفى إلى الأسكيمو، مع منع زيارة الأقرباء!!
ولكي نصل إلى المعنى اللفظي فإننا نحتاج إلى العودة بالزمن قليلاً إلى الوراء، تلك الفترة التي شهدت انتشار أجهزة الهواتف النقالة الحديثة فأصبحنا ثلاثة شعوب لا رابع لنا!!
بلاكبيريين وآيفونيين وسامسونغيين.. مع خالص الإعتذار لآلآم الحنجرة الناتجة عن نطق تلك الكلمات..
فالقرن الحالي قدّم لنا حلقةً جديدة من مسلسل الإنسانية الطويل بعنوان "كيف نقتل الفكر؟!"
مصطلح الهَبّة بتضخيم الباء تعني الموضة الدارجة والتي تنتهي بانتهاء -الدودة- القابعة في بطون من يؤمنون بالهَبّات، وهم غالباً
جيلٌ من الشباب ممن مُنحوا فرصة الظهور الأول أمام الشاشة ليقدموا عرضاً أولاً، وبسبب اختفاء جيل الروّاد فقد تسيدوا الساحة وباتوا في الصدارة!!
لست متشائماً مما يحصل لأنني فقدت الأمل أصلاً، فما عاد التشاؤم ينفع أو حتى بصيصَ تفاؤلٍ زائف..
هنا في كويتنا خرج من (البيضة) جيلٌ يرتدي الغريب من الثياب، وصارت الأكسسوارات التي تزين الرقبة والأذرع للذكور بجانب النساء، ناهيكم عن القلعات النسائية المستحدثة والتي لا يوجد لها إرث تاريخي أصلاً!!
ولعل أكثر ما يميزهم عن سواهم هي انحناءة الرأس دائماً إلى الأسفل والضرب المستمر على الهاتف حتى لو كانوا يسيرون على الأقدام؛ فالمحادثات الكتابية أصبحت سمة لهذا الجيل، وأكاد أُجزم أن أحدهم لو خُلق أبكماً -ما عندك أي مشكلة- كما يقولونها أهل الحجاز!
ابتعدوا عن المجالس ذات رائحة الهيل الطيب والنّفَسْ الزكي المفعم بالأحاديث والأخبار التي تجعلك تفكر سبعين مرة في العودة إلى بيتك !!
واقتربوا كثيراً في أشكالهم الخارجية من مغنيي الروك آند رول بتسريحاتهم ولباسهم وهواياتهم..
كل شخص ممن قد تم الحديث عنه  تم تسميتهم "ماكتشيكن" نسبةً لوجبة مكادونالدز الشهيرة والتي بالمناسبة تُعتبر الوجبة الأبرز لهم!
يستحضر ذهني الآن بعض الأعذار لهذه الفئة الكبيرة من الشعب، والتي يجد فيها الماكتشيكنيون منفذاً مقنعاً لنا نحن -الدّقة القديمة-!
التطور المنطقي للشعوب يجبرهم على ركوب موجتهم دون اعتبار لخلفيات قد تحوي مخالفات شرعية، وهنا يستطيعون القول، وهل نحن نطبّق الإسلام حقا؟! فاتركوا عنكم هذه الأمور ودعونا نتقدّم كيفما يحلو لنا ولا تخشوا ديننا فالله أعلم ما في الصدور!!
عذرهم الثاني كما أتخيلهم يقولون، في الماضي انعدمت هذه التكنولوجيا الحديثة ولو كانت متوفرة حينها لتعلمتموها واستخدمتموها وبرعتوا في أدائها، ولكم أن تتساءلوا قليلاً، هل يمكنكم تخيّل أحدنا كـ ماكتشيكني أصيل جالسٌ أمام أحد الكُتّاب ويهز -عُرف الديك- فوق رأسه ويصرخ ب(زَ رَ عَ) والعكس صحيح، هل يمكن أن تُلقي بشاب يرتدي الوزار تحت دشداشته الصفراء في مجمع ٣٦٠ في قلب العاصمة الكويتية الآن!!؟
ولعل آخر الأعذار المنطقية هي ركوب العديد من رجالات الدولة ونسائها موجة التغيير تلك، حتى باتوا ماكتشيكنيين محترمين، يُشار لهم بالبنان لمكانتهم الإجتماعية، وما هو حلالٌ لهم محرمٌ علينا!!!
هنا أقف وقفة أخيرة أسترعى فيها الانتباه، وعذراً على الإطالة!

كونوا كما تريدون ولكن قنّنوا العملية، وفعّلوا المثل القديم القائل لكل مقامٍ مقال، الميك أب الأوفر ماله أي داعي رجالاً ونساءً، وهواتف داخل الحرم المكي والمدني -مال أمها داعي-، فكرة هذا المقال جاءت أثناء السعي بين الصفا والمروة، حينما لفت انتباهي فتاة في العقد الثاني ممسكةً هاتفها البلاك بيري وتضرب بشدة بلا خشوعٍ يُذكر فتُشكر، وكنت أتخيلها تكتب عبر البيبي ماسنجر..
صفا تايم..مروةتايم..صفا تايم..مروة تايم..صفا تايم..مروة تايم..صفا تايم..مروة تايم!
اوف خلصنا العمرة تايم، ثانكس الله!!



هبّات ماكتشكنية....بقلم:قاصدخير 

هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

أ. قاصد خير كالعادة تتحفنا بغزارة اللغة التي تنهمل من خلال شلالك الادبي حتى تروي ارواحنا وعقولنا بقيم ادبية قيمه . كل الشكر لك مقال رااائع .*****

قاصد خير يقول...

للمعرّف الـ غير معرّف !

الشكر لاستقطاع برهة من وقتك للقراءة .. واسمح لي أن أدعوك دوماً للاستسقاء معي هنا، في روضة الحروف ، حبّا في القراءة .. وبحثا عن المتعة :)

شكرا لك/لكِ

غير معرف يقول...

اتشرف بهذه الدعوة وسأحتفظ بها وساما اتشرف به استاذي . الشكر موصول لك أيضاً .

غير معرف يقول...

دائما تعودنا على أسلوبك اللطيف الذي يجعل الابتسامة لا تفارقنا ، وجدت ﻓ̲​‏​‏​‏​‏​‏‏​ێ مقالتك هذه الكثير من المصداقية والألم لما وصل اليه شبابنا الحالي

قاصد خير يقول...

دائما تعودنا على أسلوبك اللطيف الذي يجعل الابتسامة لا تفارقنا ، وجدت ﻓ̲​‏​‏​‏​‏​‏‏​ێ مقالتك هذه الكثير من المصداقية والألم لما وصل اليه شبابنا الحالي

---

الكتابة ليست بالأمر الصعب على من حكّت جلده حروف الأبجدية، وعانى في البدايات من تركيب الجمل وخلق الأفكار، ولكن الصعوبة تكمن في سرقة ابتسامة من القارئ يفهم من خلالها نفسية الكاتب، وسخريته بطريقة أدبية جيدة .. !
أتمنى أن أكون قد وُفقت بتوصيل الإحساس لا أكثر .. ولا أقل :)

غير معرف يقول...

رائعه....